أخبار
سلطنةُ عُمان والأردن.. آفاقٌ جديدةٌ واعدةٌ
تسعى سلطنة عُمان والمملكة الأردنيّة الهاشميّة إلى تعظيم الاستفادة من علاقتهما المتينة المستندة على الجوانب التاريخيّة والاستراتيجيّة الثقافية المشتركة.
وممّا لا شك فيه أن زيارة الـ “دولة” التي سيقوم بها حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم /حفظهُ اللهُ ورعاهُ/ إلى المملكة الأردنيّة الهاشميّة ولقاءه أخاه جلالةَ الملك عبد الله الثاني ستكون حافزًا مهمًّا لرفع مستوى التّعاون بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات خاصة في الجوانب الاقتصاديّة والسياحيّة والتجاريّة والاستثماريّة.
كما أن مباحثات القائدين في عمّان من المتوقع أن تتطرق إلى قضايا إقليمية ودولية ذات اهتمام مشترك من منطلق توافقهما السياسي وعلى رأسها العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة وفلسطين والفلسطينيين بشكل عام، حيث يتوافق البلدان في مواقفهما السياسيّة تجاه هذه القضايا.
وأكّد سعادةُ السّفير الشيخ فهد بن عبد الرحمن العجيلي سفيرُ سلطنة عُمان لدى المملكة الأردنيّة الهاشميّة على أن زيارة جلالةِ السُّلطان المعظم /حفظهُ اللهُ ورعاهُ/ إلى الأردن تكتسب أهميّة استثنائيّة وتحمل أهدافًا كبيرة باعتبارها الزيارة الرسميّة الأولى لجلالتِه إلى الأردن بعد تولّيه مقاليد الحكم في البلاد.
ووضّح سعادتُه في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية أن الزيارة ستتناول ملفات حيويّة مهمّة ستُطرح على جدول أعمال القائدين إلى جانب بحث العلاقات الأخوية المميزة بين البلدين الشقيقين الممتدة على مدى 53 عامًا مبيّنا أنها مثالٌ للعلاقات الأخويّة والتّعاون والتّفاهم.
وأضاف أن الزيارة تحمل مضامين كبيرة في ظل مستجدات إقليميّة ودوليّة فهي تزيد من التنسيق الدائم المشترك بين البلدين في القضايا ذات الاهتمام المشترك، لاسيما القضيّة الفلسطينيّة، حيث اتسمت العلاقات الثنائيّة بالتوافق في المواقف المصيريّة التي تهمّ الأمة العربية والتعاون في كل ما من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار للبلدين والمنطقة بشكل عام.
وبيّن أن العلاقات شهدت تطورًا ملحوظًا في مسارها منذ بدايتها، واتضح ذلك في مدى التقارب بين الشعبين العُماني والأردني اللذين تجمعهما اللغة والدّين والعادات والتقاليد المتشابهة، وقد تُوّجت هذه العلاقات بالتواصل المستمر بين قيادتي البلدين اللتين أسّستا نموذجًا يُحتذى.
كما أكّد سعادتُه على أن زيارةَ جلالةِ السُّلطان المعظم إلى المملكة الأردنية الهاشمية سوف تُسهم في توطيد وزيادة التبادل التجاري والاستثماري والصناعي والتعاون في كل المجالات إضافة إلى تعزيز التعاون في القطاع الخاص في البلدين الشقيقين.
وأشار سعادتُه إلى أن البلدين الشقيقين يتّفقان أن السّلام هو السبيل الوحيد لحلّ الخلافات في المنطقة، وأن العمل على تحفيز ذلك لنشر الاستقرار هو هدف استراتيجيٌّ وفرصةٌ للأجيال القادمة بما يتوافق والقرارات الدوليّة وأن السّلام والتّنمية والاستقرار والعمل على ذلك سيؤدي إلى تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة كلّها.
ووضّح سعادةُ السّفير الشيخ فهد بن عبد الرحمن العجيلي سفيرُ سلطنة عُمان لدى المملكة الأردنيّة الهاشميّة أن سفارة سلطنة عُمان في الأردن تعمل على إبراز الفرص الاستثماريّة المتاحة والقطاعات الواعدة في سلطنة عُمان أمام كل الغرف التجاريّة ورجال الأعمال المهتمين في الأردن، وتوفر دليلًا يستعرض أداء الاقتصاد العُماني وحوافز الاستثمار في سلطنة عُمان والعمل على تنسيق زيارة رجال الأعمال الأردنيين والباحثين عن الفرص الاستثمارية والتنسيق للقاءات عمل وإيجاد قنوات اتصال بين المسؤولين الحكوميين والمستثمرين المحتملين.
من جانبه أكّد سعادةُ السفير أمجد القهيوي سفيرُ المملكة الأردنيّة الهاشميّة لدى سلطنة عُمان على أنّ زيارة حضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم /حفظهُ اللهُ ورعاهُ/ إلى المملكة الأردنية الهاشمية تأتي تلبية للدّعوة الكريمة التي تلقّاها من جلالةِ الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، وتعكس العلاقات الأخويّة الوثيقة بين البلدين على مدى عقود، وعلى كل المستويات الرسميّة.
وقال سعادتُه لوكالة الأنباء العُمانية إنّ هذه الزيارة تجسيدٌ للاستمرارية في التعاون والعلاقات الدبلوماسية الوثيقة بين البلدين، وتشكّل فرصة لاستكشاف مجالات جديدة، مشيرًا إلى أن زيارة جلالةِ الملك عبد الله الثاني ابن الحسين إلى سلطنة عُمان في عام 2022، أثمرت عن سلسلة من اللقاءات والزيارات المتبادلة.
وأضاف سعادتُه أنّ لهذه الزيارة أهمية وأبعادًا عديدة، فهي فرصة للبلدين للمشاركة في مناقشات جوهرية حول مجموعة متنوعة من القضايا الدولية، وهي تجسيدٌ للرؤية المشتركة في العديد من القضايا الإقليمية في توقيتٍ غايةً في الأهمية.
وأشار سعادتُه إلى أنّ زيارة جلالةِ السُّلطان إلى الأردن تحمل قيمة رمزيّة هائلة وتؤكد على الصّلات الوطيدة والتضامن المستمر بين سلطنة عُمان والمملكة الأردنية الهاشمية، وترسّخ رسالة قويّة عن الوحدة والتعاون في التصدي للتحدّيات وتحقيق الطموحات المشتركة، كما تتزامن مع احتفال المملكة الأردنية باليوبيل الفضي لتولّي جلالةِ الملك عبد الله الثاني مقاليد الحكم.
وأكّد سعادتُه على أنّ البلدين الشقيقين يتطابقان تاريخيًّا في وجهات النظر حول مختلف القضايا العربية والإقليمية والدولية مع وجود تشاور وتنسيق مستمر بينهما يظهر بوضوح في المحافل الدولية مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
ولفت سعادتُه إلى أنّ ذلك يظهر جليًّا عند بحث تطوُّرات القضية الفلسطينيّة والصراع العربي الإسرائيلي وبالأخص الجهود الرامية إلى وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وإيصال المساعدات الإنسانية بشكل فوري وكافٍ إلى جميع أنحاء القطاع وضرورة استمرار التنسيق والتشاور حول سبل وقف الأوضاع الكارثية في غزة، والتوصل لوقف دائم وفوري لإطلاق النار.
وذكر سعادتُه أنّ هناك تواصلًا مستمرًّا عبر إطار سلسلة من اللقاءات التي تهدف إلى تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين الشقيقين وإيجاد فرص وشراكات استثمارية، خاصة أنّ هذه العلاقات باتت تشهد حراكًا واسعًا وزخمًا أكبر بعد لقاء القائدين في عام 2022 الذي تمّ على إثره تشكيل فريق عمل أردني عُماني مشترك لمناقشة وبحث فرص الاستثمار والتعاون الاقتصادي بين البلدين.
وأفاد سعادتُه بأن هناك تواصلًا مستمرًّا بين غرف التجارة والصناعة في البلدين والجهات الاستثماريّة للوقوف على مدى التقدّم في التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين والترتيب لعقد لقاءات بين رجال الأعمال في البلدين.
وبيّن سعادتُه أنّ هناك فرصًا للتعاون بين البلدين في مجالات تكنولوجيا المعلومات والصناعات الغذائية والزراعية والدوائية والتعدينية والاتصالات، مؤكدًا على وجود حرص مشترك بين الجانبين على تعزيز التعاون الاقتصادي وإزالة أيّ عوائق أمام رجال الأعمال والقطاع الخاص وهناك توجّه جادٌّ للاستفادة من الفرص الاستثمارية الواعدة في البلدين وإيجاد مشروعات تنموية في القطاعات المهمة.
وقال سعادةُ السفير أمجد القهيوي سفيرُ المملكة الأردنيّة الهاشميّة لدى سلطنة عُمان إنّ سلطنة عُمان تأتي في المرتبة الـ 24 في حجم الإسهامات والأوراق المالية وبقيمة بلغت 35.3 مليون دينار أردني لغاية شهر يناير من عام 2024 وفق البيانات الصادرة من مركز إيداع الأوراق المالية.
وفي الجانب الاقتصادي، تشير الإحصاءات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى أن حجم التبادل التجاري بين سلطنة عُمان والمملكة الأردنية الهاشمية شهد نموًّا ملحوظًا خلال عام 2023م مسجلًا زيادة بنسبة 25 بالمائة ليبلغ نحو 74 مليونًا و511 ألفًا و421 ريالًا عُمانيًّا مقارنة بعام 2022م البالغ 59 مليونًا و752 ألفًا و392 ريالًا عُمانيًّا.
وتبين الإحصاءات أن الصادرات العُمانية إلى الأردن خلال عام 2023م ارتفعت بنسبة 28.2 بالمائة لتتجاوز قيمتها 43 مليونًا و850 ألف ريال عُماني، مقابل أكثر من 34 مليونًا و208 آلاف ريال عُماني في عام 2022م، في حين بلغ إجمالي قيمة واردات سلطنة عُمان من الأردن لعام 2023م نحو 27 مليونًا و517.5 ألف ريال عُماني أي بنسبة زيادة قدرها 41.5 بالمائة مقارنة بعام 2022م البالغ أكثر من 19 مليونًا و441.3 ألف ريال عُماني.
وتوضح الإحصاءات الأوليةأن قيمة الاستثمارات المباشرة من المملكة الأردنية الهاشمية في سلطنة عُمان بلغت بنهاية العام الماضي حوالي 241 مليونًا و800 ألف ريال عُماني.
وبلغ عددُ الشركات المسجلة في سلطنة عُمان التي بها إسهامٌ أردنيٌّ حتى نهاية عام 2023م نحو 988 شركة مقارنة بـ 758 شركة في عام 2022م، بإجمالي رأس مال مستثمر بلغ أكثر من 78 مليونًا و778 ألف ريال عُماني.
وقد وقّع البلدان في شهر فبراير من العام الجاري بالعاصمة الأردنيّة عمّان عدّة مذكّرات تفاهم في مجال جذب الاستثمار المباشر في القطاعات والأنشطة الاستثماريّة المتاحة، وتطوير وتعزيز التعاون بين الغرف التجاريّة في كلا البلدين للترويج التجاريّ ودعم التجارة الخارجيّة، إضافة إلى تشجيع وإقامة الشراكات التجاريّة والاستثماريّة بين قطاع الأعمال وتوسيع آفاق علاقات التعاون الاقتصادي والأعمال بين البلدين الشقيقين، كما تمّ التوقيع على مذكرة تفاهم بين القطاعين الخاصين العُماني والأردني في مجال التوريد والتجارة.
وعقد الجانبان خلال الفترة الماضية العديد من اللقاءات والمنتديات الاقتصادية والاستثمارية المشتركة بمشاركة المسؤولين والمعنيين من القطاعين العام والخاص في كلا البلدين لبحث سبل توسيع آفاق التعاون التجاري والشراكات الاستثمارية بينهما وتفعيل الاتفاقيات الثنائية التي تدعم ذلك، والاستفادة من الفرص الاقتصادية المتاحة لدى البلدين.
وقال سعادةُ فيصل بن عبد الله الرواس رئيسُ مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان إن العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين سلطنة عُمان والمملكة الأردنيّة الهاشميّة تشهد تطورًا ونموًّا ملحوظًا خلال الفترة الماضية في إطار الاهتمام والدعم المتواصل من قيادتي البلدين الشقيقين.
وأضاف سعادتُه في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية أن القطاع الخاص في البلدين يسعى إلى الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية إلى مستوى الطموح المنشود والمعول عليه في جلب الاستثمارات وتوسيع قاعدة التنويع الاقتصادي بين البلدين تحقيقًا لمستهدفات “رؤية عُمان 2040” ورؤية التحديث الاقتصادي للأردن “إطلاق الإمكانات لبناء المستقبل” خاصة مع سعي الجانبين لتقديم جميع التسهيلات والحوافز والمُمْكنات التي من شأنها منح القطاع الخاص القدرة على الإسهام في تحقيق الازدهار والنموّ المستدام.
من جانبه أكّد سعادة خليل الحاج توفيق رئيس غرفة تجارة الأردن على ضرورة بذل القطاع الخاص في كلا البلدين الجهود خلال المرحلة القادمة للدفع بالعلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين سلطنة عُمان والمملكة الأردنيّة الهاشميّة إلى مزيدٍ من النموّ والارتقاء بها إلى مستوى العلاقات الأخويّة التي تربطهما في ظل توافر الفرص الاستثماريّة المتاحة في شتى القطاعات والحوافز والتسهيلات التي يقدمها الجانبان للمستثمرين.
وقال في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية إن هناك وفدًا اقتصاديًّا أردنيًّا سيزور سلطنة عُمان قريبًا، ويضم في عضويّته ممثلين لعدد من القطاعات الاقتصادية المختلفة لا سيما اللوجستيات وتكنولوجيا المعلومات؛ ويهدف الوفد إلى بحث سبل إقامة المشروعات المشتركة مع القطاع الخاص العُماني، بما من شأنه زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين، داعيًا القطاع الخاص العُماني إلى الاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة التي تربط الأردن بالعديد من التكتلات الاقتصادية العالمية وبما يمكّنه من تصدير منتجاته لأسواق خارجية إضافة للدول العربية المجاورة.
وفيما يتعلق بالقطاع السياحي، فقد بلغ عدد السياح العُمانيين الذين زاروا المملكة الأردنية الهاشمية وفقًا لآخر الإحصاءات في العام الماضي 21738 سائحًا وبلغ عددهم العام الحالي حتى نهاية أبريل الماضي 6757.
ويتمثل التعاون الثقافي بين سلطنة عُمان والمملكة الأردنية الهاشمية في عدد من الأعمال بما فيها التعاون التربوي بين البلدين الذي تزامن مع بدايات النهضة المباركة عام 1970 والذي على إثره تم التوقيع على عدد من البرامج التنفيذية وعدد من الاتفاقيات بين المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني في البلدين الشقيقين.
وتعد وحدةُ الدراسات العُمانية في جامعة آل البيت المموّلة من حكومة سلطنة عُمان أحد أبرز مجالات التعاون الثقافي بين البلدين التي يتم من خلالها إظهار الجوانب المشرقة للتاريخ العُماني والحضارة العُمانية على مرّ العصور وإسهامات سلطنة عُمان في الحضارة الإسلامية في الجانب الديني والفكري والثقافي والسياسي والدور الذي قامت به في نشر الإسلام إلى شتى أصقاع الأرض.
ويشمل التعاون الثقافي بين البلدين الشقيقين عدة جوانب أهمها المشاركة في الفعاليات الثقافية وتبادل الخبرات في كلا البلدين والمشاركة في المهرجانات الفكرية والأدبية بين الكُتّاب والأدباء العُمانيين والأردنيين حيث يحرص الجانبان على المشاركة في معارض الكتاب الدّولية التي تنظم في مسقط وعمّان.
ويقدر عدد الطلبة العُمانيين الدارسين بالجامعات الأردنية حتى مطلع العام الحالي 2371 طالبًا وطالبة.
المصدر : الانباء العمانية