أخبار
ندوة “الأسرة وبناء القيم” توصي بمشاريع توجيهية ومنصات لحماية الناشئة
توجيه المناهج وتزويدها بالمهارات اللصيقة بقيم الأسرة المسلمة
تعاضد مؤسسات المجتمع الحكومية والأهلية لتيسير سبل الزواج
“عمان”: اختتمت اليوم أعمال ندوة “الأسرة وبناء القيم..الفرص والتحديات” التي نظمتها مؤسسة الإمام جابر بن زيد الوقفية على مدى ثلاثة أيام متتالية، بحضور عدد من العلماء والمفكرين والاستشاريين من داخل سلطنة عمان وخارجها.
وأوصت الندوة بتوجيه المناهج التعليمية وتزويدها بالمهارات التربوية والعملية المناسبة لكل فئة تعليمية واللصيقة بقيم الأسرة المسلمة ابتداء بمرحلة ما قبل المدرسة مرورا بالمراحل الدراسية وانتهاء بالمراحل الجامعية وما بعدها، مما يكون له أثره البالغ في حفظ منظومة القيم المثلى في المجتمع ويصونها من أي دخيل.
كما دعت الندوة إلى إيجاد مشاريع توجيهية للطلبة الدارسين في المؤسسات التعليمية تتعاون فيها وزارة التربية والتعليم ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية ووزارة التنمية الاجتماعية ووزارة الإعلام، إضافة إلى الجامعات ومؤسسات التعليم العالي؛ تهدف لتوعية الطلبة بقيم الأسرة المسلمة ودورها الريادي والحضاري.
والدعوة كذلك إلى تحفيز الناشئة بالبرامج والمسابقات العلمية التي من شأنها أن تدفعهم نحو التميز والإبداع وتختصر الطريق أمامهم بما يرقيهم فكريا وسلوكيا وثقافيا واقتصاديا، وأن تعتني الجهات الحكومية المختصة بالتعاون مع مؤسسات المجتمع بإنشاء منصات رقمية تنشر البرامج الوثائقية الهادفة المنطلقة من قيم ديننا الحنيف مع مراعاة الخصوصية التي يمتاز بها المجتمع المسلم، وضرورة سن القواعد والقوانين الضابطة والرادعة لحجب المواقع التي تنشر الإباحية والشذوذ والانحلال وكل ما يخرم الفضيلة والحياء.
وأكدت الندوة على إصدار وثيقة وطنية تحمل عنوان “ميثاق الأسرة” تتضمن أهم الأسس والقيم والمبادئ التي تعني الأسرة وتحفظ هويتها وتهيؤها لتحمّل الواجبات والقيام بأدوارها الإيمانية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، كما أنها تؤسّس توثيقا منضبطا للحقوق التي تتمتع بها الأسرة في واقع المجتمع المسلم المعتز بهويته وقيمه ومبادئه، على أن يكون هذا الميثاق مادة تنبثق منها جملة برامج ثقافية تعليمية. كما أوصت الندوة بتعاضد مؤسسات المجتمع الحكومية والأهلية لتيسير سبل الزواج من خلال سن القوانين والتشريعات الكفيلة بتوفير بيئة ملائمة، ومعالجة الظواهر التي جعلت مشروع الزواج ذا كلفة عالية ترهق كاهل الزوجين وتسير بهما إلى الانطلاق في مشروع الزواج بديون مرهقة بل تؤخر مشروع الزواج من أساسه، وإنشاء مركز حكومي أهليّ للإرشاد الأسري والقيادة التربوية (غير ربحي) مهمته الأولى إقامة البرامج التدريبية العملية للشباب المقبلين على الزواج بطرق تناسب العصر والواقع.
اليوم الختامي
وتضمنت الندوة تقديم 11 جلسة علمية إضافة إلى محاضرتين جماهيريتين وثلاث حلقات علمية مصاحبة بمشاركة جملة من العلماء والتربويين والمتخصصين، وحضور ما يقارب 2000 مشارك. وفي اليوم الختامي عقدت حلقة عمل “الفكر النسوي وأثره على الأسرة” قدمتها الدكتورة كاميليا حلمي طولون تطرقت فيها إلى الأفكار المتعلقة بتغلغل الفكر النسوي في العالم الإسلامي، وعولمة الأجندة النسوية من خلال المؤتمرات الدولية، ومشاركة النسويات في صياغة المواثيق الدولية وتشكيل لجان UN وغيرها.
كما استعرض الدكتور مصطفى أبو سعد في حلقة العمل “التربية النبوية.. النظرية والتطبيق” تناول فيها محاور متمثلة في غايات التربية في المنهج الإسلامي، وأسس النظرية التربوية الإسلامية، والقيم العليا عند المسلمين، ووقفات مع الكتب المترجمة وأنماط الممارسات التربوية لدى الآباء والأمهات وغيرها.
وناقشت حلقة عمل “وصية لقمان عليه السلام.. الأبعاد الوجودية والمعرفية” للدكتور سيف بن سالم الهادي محاور الأسرة والقدوة والثقافة والمصادر والتواصل في اتجاهين وكيفية الثقة بالنفس، حيث أوضح عدة نقاط متمثلة في طبيعة الإنسان.. القلب والعقل، والأفكار سر القوة، والأفكار في سلم الإدراك، والأساس المنطقي للتبعية، وبناء التصورات والتصديقات، ودوائر التنشئة والرقابة على الدائرة الخاصة والعامة وغيرها من النقاط، كما قُدّمت خلال الفترة المسائية محاضرة جماهيرية عن الإدمان الإلكتروني وخطورته على هوية أبنائنا قدمها الدكتور مصطفى أبو سعد وحاوره سلطان بن صالح الراشدي.
كوكبة علمية
وقال المهندس يونس بن خميس الصولي، القائم بأعمال الرئيس التنفيذي في مؤسسة الإمام جابر بن زيد الوقفية: الندوة تأتي استمرارا لنهج المؤسسة في رفع مستوى الوعي العام وترسيخ مبدأ الشراكة، حيث أفضت الجهود المجتمعة بين المؤسسة والقطاع العام من جهة والمؤسسة والقطاع الخاص من جهة أخرى إلى إقامة ندوة خاصة بالأسرة وبناء القيم وما يتعلق بها من فرص وتحديات بمشاركة محلية وخارجية اجتمعت فيها كوكبة علمية من عدة مشارب متخصصة في مجال الأسرة والشباب استمرت لمدة يومين وصاحبتها ورش تدريبية في اليوم الثالث.
وأكد الدكتور سيف بن سالم الهادي، عضو اللجنة المنظمة أن الإعداد لهذه الندوة جاء كخطة ضرورية لاحتواء الأفكار التي تهدد كيان الأسر المسلمة، وتعمل على إبعادها عن مراشد الدين الحنيف؛ فالأمة الإسلامية بقدر ما هي مطالَبة بتصدير فكرها النظيف، وتربية أبنائها عليه، مطالبة كذلك بحمايته، فتطلب ذلك منا وضع الإطار الكلي العام الذي يسمح بالحركة الجزئية عبر عدد من العناوين المهمة، ثم تتطلب بعد ذلك البحث عن الشخصيات العلمية المناسبة لهذه المواضيع. ويضيف: إن معالجة هذه القضايا لا تكفي فيها العاطفة وحدها، ولا يناسبها الخطاب التقليدي الرتيب؛ فالأمة الإسلامية وإن كانت تمتلك المادة المعرفية الكافية للبناء، ومحاورة الوارد من الأفكار، فإنها أيضا محتاجة إلى شخصيات علمية وأمينة ومخلصة تنطلق في رؤيتها من أسس معيارية واضحة، يقتنع بها العقل والقلب.
وأضاف الهادي: الكوكبة الرائعة من العلماء والعالمات قدموا معالجات فكرية قوية، وناقشوا الكثير من المصطلحات الناعمة، وحاكموا الكثير الأفكار الواردة وانتهوا إلى توصيات جوهرية.
من جانبه أوضح الدكتور مصطفى أبو سعد، متخصص في إعداد المرشدين الأسريين في العلاقات الزوجية والتربية والصحة النفسية: هذه الندوة تندرج تحت المسؤولية الاجتماعية التي تقوم بها مؤسسة الإمام جابر بن زيد الوقفية إحساسا منها وتقديرا للمسؤولية الملقاة على عاتقها في حماية أمن المجتمع واستقراره، وهذا الأمن والاستقرار عادة ما يبدأ من الفرد داخل الأسرة بمعنى أن الأسرة هي النواة الأساسية لحفظ المجتمع”.
وأضاف: هذا التنوع الكبير في المحاور وفي المتخصصين من دول متعددة سيكون إغناء للحوار ولوضع خطط واستراتيجيات لحماية الأسرة إيمانا منا بأن الأسرة هي الأول لحفظ الفطرة وهي أساس وركيزة أمن كل وطن ومجتمع وأن الاهتمام بالأسرة سيحفظ لنا ما يسمى بالتنمية المستدامة بمعنى أن ما يبنيه الأجداد ويحفظه الأبناء فهو مسؤولية الأحفاد. فهؤلاء الأحفاد الذين ينشأون ويترعرعون داخل أسرهم ما لم نعطهم هذا الاهتمام.. الاهتمام بالبيئة التربوية والمحضن الأساس الذي هو الأسرة من منظورنا الفطري والإسلامي فإننا لن نكون قادرين على حفظ ما يسمى بالتنمية المستدامة. وبيّن أن أهمية هذا المؤتمر وهذه اللقاءات هي أيضا حفظ المجتمع وتنميته المستدامة؛ بمعنى أننا نبني مجتمعا يقوده أحفادنا الذي هي مسؤولية اجتماعية لنا الآن.