أخبار

أكاديميون وقانونيون: تفشي الرشوة عقبة أمام تنمية المجتمعات

أكد عدد من الأكاديميين والقانونيين أن للرشوة نتائج وخيمة على الأفراد والمجتمعات، موضحين أن تفشيها في أي مكان كان يشكّل عقبة أمام التنمية وتعطيل للمصالح العامة، كما تؤدي إلى تدمير القيم والأخلاق، وتنمّي الجشع والاستغلال، داعين إلى ضرورة حماية المجتمعات منها ومحاربتها إن استوطنت في أي مجتمع واستئصالها بتشديد الرقابة وتغليظ العقوبة، ونشر الوعي لدى أفراد المجتمعات بمخاطرها.

وقال الأستاذ الدكتور سعيد بن راشد الصوافي أستاذ علوم القرآن والتفسير بجامعة السلطان قابوس: هناك العديد من الأسباب المختلفة التي تدفع إلى استخدام أسلوب الرشوة، بعضها أسباب رئيسية، والأخرى فرعية، وتتمثل أهم الأسباب الرئيسية في ضعف الوازع الديني، والتربية، وعدم الأمانة والنزاهة في تحمُّل المسؤولية من جهة الراشي والمرتشي، إلى جانب ضعف الرقابة على أعمال الموظف، أما الأسباب الفرعية فهي كثيرة، أهمها بطء إنجاز المعاملات، وعدم المساواة، وتنمي الجشع لدى بعض الموظفين في الحصول على المال، فهذه الأشياء إن لم يخالفها الإيمان والخُلق من جهة وعدم الرقابة والمتابعة من جهة أخرى تصبح عادة متفشية في المجتمع.

استقرار المجتمع

وحول العلاقة بين المحسوبية والرشوة وضح بقوله: كلها تصب في قالب واحد، وهي من الأمور السيئة التي يجب محاربتها واستئصالها من المجتمع؛ للمحافظة على نظافته وأمنه واستقراره، مشيرًا إلى أن لانتشار الرشوة في أي مجتمع آثارًا خطيرةً عليه، فهي تدمر القيم والأخلاق وتنمي الجشع والاستغلال، كما أن فيها ضياعًا لحقوق الآخرين، مما ينتج عنه الكراهية بين أفراد المجتمع التي قد تصل إلى حد العدوانية، بالإضافة إلى أن الموظف الذي يقبل الرشوة قد لا ينجز عمله إلا بها مما ينتج عنه تعطيل العمل ومصالح الناس. وأضاف: يمكن تغيير فكر بعض الأفراد الذين يعتبرون أن الرشوة حل سهل وسريع لقضاء أمور إدارية بطريقتين تتمثل في نشر الوعي لدى أفراد المجتمع ببيان خطورة انتشارها وتفشيها، إلى جانب تشديد الرقابة من الجهة المسؤولة وتنفيذ العقوبة الرادعة لمن تسوّل له نفسه من الموظفين في استغلال منصبه وخيانة الأمانة الملقاة على عاتقه.

تدمير الموارد

من جانبه، قال الدكتور محمد سعيد المجاهد من قسم العلوم الإسلامية بكلية التربية بجامعة السلطان قابوس: للرشوة آثار خطيرة على الفرد والمجتمع والدولة، وأخطرها يتمثل في تدمير الموارد المالية للدولة، وكثيرًا ما يقوم أحد الناس بتقديم الرشوة للحصول على ترخيص لعمل مشروع ما، وغالبًا لا يكون لهذا المشروع نفع حقيقي للمجتمع، وإنما هو فقط يجلب الربح الوفير لأصحابه، وإن الحصول على ترخيص لمثل هذه المشروعات التي لا فائدة منها للمجتمع يعني إهدار لموارد الدولة التي تتمثل في توصيل المرافق والخدمات الأساسية لأفراد المجتمع.

وقال: تؤدي مثل هذه التصرفات إلى تدمير حياة أفراد المجتمع، عندما تتعلق بإنتاج دواء أو غذاء، فيتجه الأثر مباشرة إلى تدمير صحة أفراد المجتمع، وقد يتعدى هذا الأثر إلى موت بعضهم، ويظهر الأثر المدمر في المباني الكبيرة برشوة مهندس مشرف ونحو ذلك، فتسقط على من فيها نتيجة مخالفتها لقواعد البناء السليم، وكم من منتجات مستوردة وهي فاسدة دخلت إلى الأسواق نتيجة الرشوة، فكانت وبالًا على حياة جميع أفراد المجتمع.

إضافة إلى أنها تسهم في تدمير الأخلاق، وتفشي الإهمال واللامبالاة، مما يشكل عقبة أمام التنمية، وما تتطلبه من جهد بشري مكثف وأمين.

قانون الجزاء

يغلظ قانون الجزاء العماني عقوبة الرشوة، والتي تصل في بعض الأحيان إلى عزل الموظف من وظيفته، إضافة إلى سجن قد يصل إلى 10 سنوات.وقالت منى المصلحية متخصصة في القانون: إن عقوبة المرتشي في قانون الجزاء العماني تتمثل في المادة (٢٠٧)» يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن (٣) سنوات، ولا تزيد على (٥) سنوات، وبغرامة تساوي على الأقل ما أعطي له أو وعد به، وبعزله عن الوظيفة، والحرمان من تولي الوظائف العامة بصورة مطلقة، وكل موظف عام طلب أو قبل لنفسه أو لغيره أي مقابل كان أو أخذ وعدا بذلك من أجل القيام بعمل من أعمال وظيفته أو بواجب من واجباتها، أو الامتناع عن القيام بعمل واجب عليه الامتناع عنه، ويسري حكم هذه المادة، ولو كان العمل المنصوص عليه في الفقرة السابقة لا يدخل في أعمال وظيفة الجاني.كما أشارت المادة (٢٠٨) يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن (٣) سنوات، ولا تزيد على (١٠) سنوات، وبغرامة تساوي على الأقل ما أعطي له أو وعد به، وبعزله عن الوظيفة، والحرمان من تولي الوظائف العامة بصورة مطلقة، كل موظف عام طلب أو قبل لنفسه أو لغيره أي مقابل كان أو أخذ وعدا بذلك ليقوم بعمل مناف لواجبات الوظيفة أو للامتناع عن عمل كان واجبا عليه القيام به بحكم الوظيفة.

وفي المادة (٢٠٩) «يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن سنة، ولا تزيد على (٣) سنوات، وبغرامة تساوي على الأقل ما أعطي له، كل موظف عام قبل من شخص مالا أو منفعة بقصد المكافأة وبغير اتفاق سابق بعد أن أدى لذلك الشخص عملا من أعمال وظيفته أو امتنع عن أداء عمل من أعمالها أو أخل بواجب من واجباتها.

وأضافت المصلحية: وتنص عقوبة الراشي في قانون الجزاء العماني في المادة (٢١١) «يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن سنة، ولا تزيد على (٣) سنوات كل من عرض رشوة على موظف عام ولم تقبل منه»، وفي المادة (٢١٢)» يعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي، ومع ذلك يُعفى الراشي أو الوسيط من العقوبة إذا بادر بإبلاغ السلطات المختصة بالجريمة أو اعترف بها قبل اكتشافها، ولو بعد تمامها، وإذا حصل الاعتراف بعد اكتشاف الجرم جاز اعتبار الاعتراف عذرًا مخففًا».

ولفتت المصلحية إلى أن هناك نتائج وخيمة لانتشار الرشوة أهمها أنها تقضي على مبدأ المساواة بين المواطنين كما أن الرشوة عقبة أمام التنمية، وتولد الحقد والكراهية في المجتمع بسبب تفاوت الفرص في الحصول على الحقوق، بالإضافة إلى أنها تسهم في انتشار الفساد الذي تحاول الدول القضاء عليه من خلال سن القوانين الداخلية أو الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية لمكافحته، كما دعت إلى ضرورة توعية أفراد المجتمع كافة بالآثار الوخيمة للرشوة عن طريق التوعية في المساجد والجامعات ووسائل الإعلام المختلفة

 

إغلاق