أخبار
منتدى الاتجار بالبشر” يوصي بمراجعة التشريعات وتشديد الرقابة
إصدار قانون جديد لمكافحة الاتجار بالبشر خلال الأشهر القادمة
– رفع الوعي المجتمعي بحقوق وواجبات العمالة الوافدة ومتابعة شركات الاستقدام والتوظيف
أوصى المنتدى الحكومي لمكافحة الاتجار بالبشر في الشرق الأوسط في دورته الخامسة اليوم بمسقط والتي حملت عنوان “مكافحة الاتجار بالبشر عبر تشريعات وإجراءات العمل” بضرورة المراجعة الدورية للتشريعات النافذة، سواء المعنية بشكل مباشر بمكافحة الاتجار بالأشخاص، أو المعنية بالعمل في القطاعات الأهلية، لضمان مواكبتها تطورات الجريمة ووسائل ارتكابها، إلى جانب تضمينها الأدوات اللازمة للتوسع في تفعيل الدور الرقابي والوقائي لمفتشي العمل، وتعزيز الاستفادة من تجارب الدول المشاركة في حفظ حق العمالة في التقاضي العمالي، بإجراءات ميسرة، إلى جانب تقديم الدعم القانوني والفني بالشراكة مع الأجهزة القضائية من جهة، وأداة للتعرف على مؤشرات الاتجار بالأشخاص من جهة أخرى، ضمن إطار قانوني منظم.
ودعا المنتدى إلى مواصلة العمل في تنفيذ ومتابعة التوصيات الصادرة عن الدورات الأولى والثانية والثالثة والرابعة للمنتدى بالتنسيق مع الأمانة العامة الدائمة للمنتدى، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، كما أوصى بإنشاء مجموعة عمل فنية تضم ممثلين عن الجهات المشاركة والأمانة العامة الدائمة للمنتدى، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ومنظمات وأجهزة الأمم المتحدة ذات الصلة، للعمل على وضع خارطة لتنفيذ التوصيات، ومتابعة ما تم بشأنها؛ لضمان تحقيق الأهداف المرجوة من المنتدى، والاستفادة من خبرات الدول المشاركة في مجال إجراءات تفتيش العمل وقواعد الرقابة ومتابعة شركات الاستقدام والتوظيف وآليات التنسيق بين الدول المستضيفة للعمالة ودول المصدر في مجال التعاون الشرطي والتعاون القضائي الخاص بإدارة الملف التحقيقي في حالات الاتجار بالأشخاص في قطاع العمالة.
كما أوصى بطرح دورات عمل وملتقيات وندوات حول مكافحة الاتجار بالأشخاص، ومنها العمل الجبري في سلاسل التوريد في كافة القطاعات في المنطقة لتبادل الخبرات وأفضل الممارسات بالتعاون والشراكة مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ومنظمات وأجهزة الأمم المتحدة الأخرى ذات الصلة، ومواصلة العمل على رفع الوعي المجتمعي بحقوق وواجبات العمالة الوافدة، وتعزيز ثقافة التصدي للعمل الجبري، من خلال تنظيم الفعاليات والحملات التوعوية بالشراكة والتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ومنظمات وأجهزة الأمم المتحدة الأخرى ذات الصلة في اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص، وحث الدول المصدرة للعمالة على بث الوعي للعمال بحقوقهم وواجباتهم، ورفع وعيهم بالممارسات المرتبطة بالاتجار بالأشخاص وطرق الإبلاغ.
استراتيجيات واضحة
وقال سعادة الشيخ خليفة بن علي الحارثي وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر: إن حكومة سلطنة عمان اتخذت العديد من الإجراءات لحماية العمال من التعرض للاستغلال أو الإتجار بالبشر، منها إصدار قانون العمل الجديد بموجب المرسوم السلطاني رقم (53/2023)، والذي تضمن موادَ حظرت العمل القسري والممارسات المرتبطة، كما تم تشكيل فريق من مختلف الجهات الحكومية المعنية لتعزيز التعاون الثنائي مع الدول المصدرة للعمالة، وقام هذا الفريق بزيارة 10 دول بهدف توقيع مذكرات تفاهم في مجال العمل ومكافحة الاتجار بالبشر، مشيرا إلى تدشين نظام حماية الأجور وهو نظام إلكتروني مشترك بين وزارة العمل والبنك المركزي العماني يهدف لرصد عمليات صرف الأجور في منشآت القطاع الخاص ومتابعتها للتأكد من التزامها بتحويل أجور العاملين لديها لحساباتهم في المصارف المحلية المعتمدة، وفقًا لما نص عليه قانون العمل في المادة(87).
وأضاف بأن سلطنة عُمان استحدثت وحدة التفتيش المشتركة بين وزارة العمل ومؤسسة الأمن والسلامة بهدف رفع جودة وكفاءة عمليات التفتيش وزيادة الفعالية في أداء المهام المرتبطة ودعم عمليات التفتيش بخدمات المساندة الأمنية، بما ينعكس إيجابًا على تكثيف الحملات التفتيشية على المنشآت المخالفة والأيدي العاملة السائبة، وكذلك تبسيط إجراءات العمال.
وأفاد الحارثي بأن اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر أطلقت هذا العام خطة العمل الوطنية لمكافحة الاتّجار بالبشر(2024-2026م) لتعزيز جهود سلطنة عُمان في منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالبشر بمختلف صوره وأشكاله وتوفير الحماية اللازمة للضحايا، معربًا عن أمله في أن يتمّ خلال الأشهر القادمة إصدار قانون جديد لمكافحة الاتّجار بالبشر، بعد تعديل وتطوير القانون الحالي.
وأضاف: إن ما نقوم به هو حماية الإنسان من إساءات أخيه الإنسان، وهذا يعني تلقائيًا أن الإنسان هو الإنسان أيًا كان جنسه وعرقه، وديانته أو دولته، وبحكم أن مواثيق حقوق الإنسان هي عالمية في طبيعتها، فيجب على العالم أن يطبقها بعدالة ومساواة، ولكن للأسف هذا ليس ما نراه على أرض الواقع الآن، فما يجري للفلسطينيين في غزة حاليًا من قتل وتجويع وتهجير من قبل سلطة الاحتلال الإسرائيلي، أظهر بما لا يدعو للشك أن هناك ازدواجية صارخة في المعايير وانفصامًا في المبادئ والمواقف.
وألقت غادة بنت محمد البراهيم وكيل الهيئة لحماية حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية وعضو لجنة مكافحة الاتجار بالأشخاص كلمة قالت فيها: يستهدف هذا المنتدى منذ انطلاقته تبادل الخبرات وأفضل الممارسات في مجال مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص لخلق رؤية موحدة لمكافحتها، ومناقشة القضايا والتحديات ذات الصلة والحلول المستدامة لها، وبناء القدرات الوطنية في هذا المجال، ومساعدة الضحايا، وتطوير الإجراءات التي تتخذها دول المنطقة وفق المعايير الدولية، ومنها ولا شك تطوير إجراءات الرقابة والتفتيش لرصد قضايا الاتجار بالأشخاص ومتابعتها، مؤكدة أهمية هذا المنتدى يسهم في تعزيز التعاون بين دول المنطقة والمنظمات الدولية لوضع الحلول العملية لمكافحة الاتجار بالأشخاص،وخاصة لكون موضوعه لهذا العام يتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر عبر تشريعات وإجراءات العمل، حيث تعد صورة العمل أو الخدمة قسرا من صور الاتجار بالأشخاص الأكثر شيوعا في المنطقة، ولكون جريمة الاتجار بالبشر من الجرائم المنظمة العابرة للوطنية، وفي ظل ما يوجد من ظروف دولية توفر بيئة خصبة للاتجار واستغلال الضحايا؛ فإننا نوصي بضرورة تعزيز الجهود الدولية لمكافحة هذه الجريمة مع الدول المصدرة للعمالة في المنطقة.
من جانبه أكد سعادة نبراس بن محمد الرئيس من وفد مملكة البحرين المشارك في الندوة كلمة، سلّط فيها الضوء على ضرورة إيجاد رؤية موحدة تقضي إلى وضع حلول مبتكرة ومقاربات تتفق مع واقع المنطقة من خلال تسليط الضوء على التشريعات والإجراءات ودورها في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص إلى جانب بحث ومناقشة التحديات، كما أن موضوع اختيار المنتدى من قبل دولة الرئاسة يؤكد أن أي مسار تشريعي وآخر إجرائي تدفعهم في العادة الرغبة الملحة في المراجعة والتقييم المستمرين، لضمان مواكبة المستجدات والتطورات، ولم تزل القوانين في الدول المشاركة حثيثة للتطوير والتغيير، وثمنت مملكة البحرين تجربة سلطنة عمان في إصدار قانون العمل بالمرسوم السلطاني (٥٣) لسنة ٢٠٢٣، وتجربة دولة الإمارات العربية المتحدة بإصدار المرسوم بقانون اتحادي (٢٤) لسنة ٢٠٢٣ في شأن مكافحة الاتجار بالبشر، وما تضمنه من معالجة لجملة التحديات القائمة في مكافحة هذه الجريمة، وأكد الوفد على موقف مملكة البحرين الثابت والحازم من جريمة الاتجار بالأشخاص بكافة صورها وأشكالها، وإن سن التشريعات لمكافحة هذه الجريمة غير كاف وحده لمواجهتها ما لم تقرن بمنظومة إجرائية قادرة على إنفاذ تلك التشريعات في الواقع العملي.
كما قالت السفيرة نائلة جبر رئيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر من جمهورية مصر العربية: إن المنتدى فرصة للتأكيد على اضطلاع مصر بدورها الفعال في مشاركة المجتمع الدولي جهوده المتواصلة لمكافحة جريمتي الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، فقد حرصت مصر على الانضمام إلى الصكوك الدولية المعنية كما اتبعت نهج وطني شاملا يقوم على التعاون والتنسيق بين الجهات الوطنية ذات الصلة من خلال تنفيذ الاستراتيجية الوطنية الثالثة لمكافحة ومنع الاتجار بالبشر 2022 – 2026، والاستراتيجية الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية 2016- 2026، والتي تستند إلى أربعة محاور رئيسية من بينها الشراكة الإقليمية والدولية، موضحة أن جريمتي الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين من الجرائم التي حازت على انتباه المجتمع الدولي مطلع القرن الماضي، وقد تنبهت مصر مبكرًا وقطعت منذ ذلك الحين شوطًا طويلًا في مكافحتها، و تكمن الرؤية المصرية لمواجهة الجريمتين في أنهما ليستا فقط جرائم منظمة عبر وطنية ولكنهما تشكلان انتهاكًا لمبادئ حقوق الإنسان المتعارف عليه دوليا وترتبط بالفساد وغسل الأموال.
من جانبه أوضح سعادة الدكتور علي بن سعيد بن صميخ المري وزير العمل القطري بأن دولة قطر تبذل جهودًا متواصلة ومتنامية لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر، انطلاقًا من التزامها بأحكام الشريعة الإسلامية التي تحرم جميع أشكال الامتهان لكرامة الإنسان، حيث تؤكد دولة قطر احترامها وحفظها لكافة الحقوق من خلال إرساء الإطار القانوني والمؤسسي ودعم كافة الجهود الوطنية والإقليمية والدولية لمكافحة هذه الظاهرة مثل العمل القسري أشكال الرق المعاصر، كما تولي اهتمامًا كبيرًا بمكافحة جرائم الاتجار بالبشر عبر منظومة متكاملة، تمثلت في إنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، التي تقوم بدور المنسق الوطني لرصد ومنع ومكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر من خلال التنسيق مع الجهات المعنية في هذا الشأن، حيث تبذل اللجنة جهودًا متواصلة في مجال التدريب وبناء قدرات الكوادر الوطنية وموظفي إنفاذ القانون حول مكافحة الاتجار بالبشر، من أجل تعزيز قدراتهم على تحديد هذه الجرائم، كما وعززت دولة قطر إطار التعاون الدولي في مواجهة التحديات المشتركة وذلك من خلال دعم خطة الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار بالبشر منذ إطلاقها، كما تسعى الدولة للانضمام إلى الاتفاقيات والبروتوكولات التي تعنى بمكافحة بتلك الجرائم.
كما قامت وزارة العمل بتفعيل عدة مبادرات مثل تنظيم سلسلة من الدورات التدريبية حول مكافحة الاتجار بالبشر لرفع الوعي بهذه الظاهرة.
وألقى وزير العدل الأردني معالي الدكتور أحمد نوري الزيادات رئيس اللجنة الوطنية لمنع الاتجار بالبشر كلمة قال فيها: إن منطقتنا أصبحت عرضة لأنشطة غير مشروعة عابرة للحدود، يمثل أشدها خطورة جرائم المخدرات والاتجار بالبشر، مما يتطلب التعاون والتنسيق بين دولنا من أجل مكافحة هذه الجرائم العابرة للحدود، وتضافر الجهود من أجل سد الثغرات التي تستغلها عصابات الإجرام المنظم لممارسة أنشطتها، موضحا بأن ذلك يقتضي ذلك تطوير تشريعاتنا، لمواكبة التطور في الوسائل التي يتخذها المتاجرون لتنفيذ أفعالهم غير المشروعة، وبخاصة تسخير استخدام التكنولوجيا الحديثة لارتكابها والانفتاح على التجارب الناجحة والممارسات الفضلى، وتبادل المعلومات وتفعيل التعاون الدولي، ومن هنا تأتي أهمية هذا المنتدى النوعي لهذا العام، الذي يعتبر محطة مهمة في مسار تحديث السياسات الخاصة بمكافحة الاتجار بالبشر، يسهم في بلورة المقترحات والتصورات اللازمة لمواجهة هذه الجرائم عبر تشريعات وإجراءات العمل.
وأقيمت ضمن أعمال المنتدى حلقة نقاشية تطرقت إلى مجال منع ومكافحة الاتّجار بالأشخاص عبر تشريعات وإجراءات العمل وسن القوانين والتشريعات الوطنية، واستعراض تجارب الدول المشاركة والتحدّيات التي تواجهها في هذا المجال، وشارك فيها عدد من ممثلي الدول والمنظمات الدولية والإقليمية.
وتطرّقت المناقشات إلى التشريعات والإجراءات العملية التي تعتمدها الدول لمكافحة الاتّجار بالبشر وتبادل الأفكار والتجارب الناجحة في هذا المجال والتركيز على الأدوات القانونية والإجراءات الإدارية التي تحظى بتأييد وتقدير المشاركين، التي تؤدي دورًا حاسمًا في مكافحة هذه الجريمة.
واستعرضت الحلقة أيضا تجارب الدول المشاركة لتحقيق نجاحات في مكافحة الاتّجار بالبشر وتقديم تفاصيل محددة عن التحديات التي واجهتها الدول وكيفية التغلب عليها بفضل الجهود المبذولة، كما تمّ تبادل التجارب الناجحة والممارسات المبتكرة التي أثبتت فعاليتها في الحدّ من حالات الاتّجار بالبشر.
انطلق المنتدى برعاية معالي الدكتور محاد بن سعيد باعوين وزير العمل، بتنظيم من وزارة الخارجية وبمشاركة عدد من أصحاب المعالي الوزراء رؤساء وأعضاء اللجان المعنية بمكافحة جرائم الاتّجار بالأشخاص في دول مجلس التعاون، والأردن، ومصر، والأمانة العامة لمجلس التعاون، وجامعة الدول العربية، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، ووزارة الخارجية الأمريكية، والاتحاد الإفريقي، ورابطة دول جنوب شرق آسيا.