أخبار
سلطنة عمان والكويت.. علاقة متجذّرة وشراكة مثمرة
تعدّ العلاقات بين سلطنة عُمان ودولة الكويت الشقيقة نموذجًا إقليميًّا ودوليًّا يُحتذى به، وقد تعزّزت هذه الأخوّة الصادقة والتعاون لتتجاوز الطابع التقليدي للعلاقات بينهما في مختلف الصُّعد ووصلت إلى مستويات عالية في الجوانب الرسمية والشعبية مستندة على ما يجمع البلدين من إرث تاريخيّ واجتماعيّ ومواقف سياسيّة مشتركة.
إن ما سيشهده قصر العلم العامر بعد غدٍ من مباحثات تجمع حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم بأخيه صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت -حفظهما الله ورعاهما- ستكون انطلاقة جديدة لتطوير العلاقات بين البلدين الشقيقين بما يعود بالنفع على بلديهما وشعبيهما الشقيقين.
وتحمل زيارة دولة لصاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت إلى بلده الثاني سلطنة عُمان دلالات عدة كونها ثاني زيارة خارجية له منذ تولّيه مقاليد الحكم في دولة الكويت الشقيقة أعلاها الرغبة الأكيدة بين قيادتي البلدين لرعايتهما السامية لهذه العلاقات القائمة على قواعد متينة وقواسم مشتركة وتمضي بخطى واثقة ومتواصلة بما يعود بالخير والنماء على البلدين الشقيقين.
ويمكن للمتتبع للعلاقات العُمانية الكويتية أنّ يلمح بوضوح النهج الدبلوماسي الذي اتبعه الجانبان لحل الأزمات والنزاعات والمواقف تجاه العديد من القضايا الإقليمية والدولية بالطرق السلمية واحترام سيادة واستقلال الدول والالتزام بقواعد القانون والمواثيق الدولية، ودعمهما جهود ومساعي دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الرامية لتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة والعالم.
وأسهمت اللجنة العُمانية الكويتية المشتركة في توسيع نطاق التعاون بين الدولتين الشقيقتين في العديد من المجالات الاقتصادية والتجارية والتعليمية والبحث العلمي والشباب والخدمة المدنية والبيئة وغيرها من المجالات التنموية المختلفة، وأوجدت تبادلا تجاريًّا واستثماريًّا تمثل في التوقيع على العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مجالات مختلفة.
وأكّد سعادة السفير الدكتور صالح بن عامر الخروصي سفير سلطنة عُمان المعتمد لدى دولة الكويت أنّ زيارة دولة التي سيقوم بها صاحب السُّمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصّباح أمير دولة الكويت لسلطنة عُمان تحظى بأهمية خاصة باعتبارها الزيارة الثانية التي يقوم بها سُموُّه إلى خارج الكويت منذ تولّيه مقاليد الحكم في الـ ١٦ من ديسمبر الماضي.
وقال سعادتُه : إنّ الزيارة تمثل تأكيدًا على عمق الروابط بين قيادتي البلدين الشقيقين وشعبيهما، والتعاون الوثيق بينهما في شتى المجالات، مشيرًا إلى أنّ لدى الدولتين الشقيقتين قواسم مشتركة وتماثلًا كبيرًا للغاية في السياسة الخارجية والدبلوماسية التي تنتهجانها إزاء معظم الملفات والقضايا الإقليمية والدولية.
وأضاف سعادته أنّ العلاقات الثنائية بين سلطنة عُمان ودولة الكويت تمتدّ لجذور تاريخية عريقة أهمها التواصل البحري عبر موانئ البلدين، حيث كانت السفن التجارية الكويتية تتخذ من الموانئ العُمانية نقطة انطلاق تجاه شرق آسيا وشرق إفريقيا ووجهات متعددة أخرى منها عبر باب المندب، وأتاح هذا التواصل وجود علاقات ووشائج اجتماعية بين الشعبين العُماني والكويتي ما زالت تتفاعل إيجابًا حتى اليوم.
وعلى صعيد القيادتين السياسيتين للبلدين الشقيقين، أكّد سعادتُه على أنه كانت هناك علاقات وثيقة جمعت بين السلطان قابوس بن سعيد -طيّب الله ثراه- وبعده حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- بأمراء دولة الكويت منذ عهد الشيخ صباح السالم المبارك الصباح -طيّب الله ثراه- وحتى تولّي صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الصباح مقاليد الحكم في الكويت وكانت لقاءاتهم تحمل الخير لمصلحة الشعبين العُماني والكويتي وترسّخ دعائم البيت الخليجي.
وحول مجالات التعاون المشترك بين سلطنة عُمان ودولة الكويت قال سعادةُ السفير الدكتور صالح بن عامر الخروصي: إنّ ثمة تنسيقًا مباشرًا على أعلى مستوى بين الجانبين في مجالات متعددة، منها على مستوى مجلس التعاون لدول الخليج العربية حيث تتمُّ معاملة مواطني كل دولة خليجية معاملة مواطني تلك الدولة فيما يتعلق بالتعليم والرعاية الصحية والتملك والانتقال وغيرها.
ولفت سعادتُه إلى وجود آليات أخرى تختص بالعلاقات الثنائية المباشرة منها لقاءات على مستوى القمة حيث تأتي زيارة سمو أمير دولة الكويت في هذا الإطار، ومنها أيضًا اللجنة العُمانية الكويتيّة المشتركة التي تأسست في عام ٢٠٠٣ وتنعقد دوريًّا بالتناوب في عاصمتي البلدين وكان آخرها الدورة التاسعة التي عُقدت بمسقط في مارس الماضي.
وأفاد سعادتُه بأنه خلال الدورات التسع الماضية للجنة تمّ التوصل إلى الكثير من المشروعات وبرامج التعاون المشترك في القطاعات الاقتصادية والثقافية والفنية والعلمية والرياضية بالإضافة إلى مشروع مصفاة الدقم والصناعات البتروكيماوية كما أنّ هناك استثمارات في مجالات اقتصادية أخرى منها الاستثمار في القطاع العقاري والصناعي والتعدين.
وأكّد سعادته على أنّ الإحصاءات والأرقام في مجالات التعاون الثنائي تعكس تطورًا كبيرًا في العلاقات الاقتصادية ويسعى البلدان للبناء عليها والعمل على زيادتها كمًّا ونوعًا حيث يحظى هذا الجانب برعاية واهتمام من قيادتي البلدين وتوجيهاتهما.
وبيّن سعادتُه أنّ الاستثمار الكويتي المباشر في سلطنة عُمان بحسب المركز الوطني للإحصاء والمعلومات بلغ حتى نهاية سبتمبر ٢٠٢٣ م ما قيمته ٩٢٢.٣ مليون ريال بزيادة أكثر من ١٢٥ مليون ريال عن العام الماضي، فيما بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام ٢٠٢٣ حتى شهر نوفمبر ٧٩٠ مليون ريال بزيادة حوالي ٣٠٠% مقارنة بالعام السابق الذي بلغ حجم التبادل التجاري فيه نحو ٢٨٠ مليون ريال.
ولفت سعادته إلى أنّ الجانبين يسعيان إلى عقد (المنتدى الاقتصادي العُماني والكويتي) بإشراف وزارتي التجارة والصناعة وغرفتي التجارة والصناعة في البلدين لاستعراض الفرص والتحديات وتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية في القطاعين الحكومي والخاص بحضور رجال الأعمال وممثلي المؤسسات والشركات الخاصة.
وأكّد سعادته على أنّ هناك فرصًا حقيقيّة متاحة في مجالات كثيرة تشمل القطاع الصناعي والعقاري وقطاع التعدين، وقطاع الثروة الحيوانية السمكية، والصناعات الغذائية إضافة إلى القطاع السياحي أحد القطاعات المهمة في سلطنة عُمان.
وحول التعاون الثقافي بين الجانبين وضح سعادته أنّ هذا التعاون بدأ منذ عصر النهضة الحديثة حيث تم التوقيع على اتفاقية التعاون الثقافي بين البلدين في عام ١٩٧٤م، ومنذ ذلك الوقت تمّ إنجاز الكثير من المشروعات في المجالات الثقافية والإعلامية والفنية فيما يتعلق بالمسرح والموسيقى والبرامج التلفزيونية والإذاعية والصحافة، والتعاون بين وكالتي الأنباء في البلدين، بالإضافة إلى تنظيم المعارض والمؤتمرات والفعاليات الثقافية والعلمية.
ونُظمت خلال العام الماضي العديد من الفعاليات منها مشاركة ٨٠ فنانًا عمانيًّا معظمهم في الفن التشكيلي والموسيقى والمسرح، في فعالية حملت عنوان (عُمان في قلب الكويت) برعاية السفارة والتنسيق والتعاون مع رابطة الفنانين والإعلاميين الكويتية بالإضافة إلى فعاليات شعرية شاركت فيها نخبة من أبرز الشعراء والروائيين العُمانيين بالتعاون مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.
وقال سعادة سفير سلطنة عُمان المعتمد لدى دولة الكويت: إنّ السفارة تسعى خلال الأشهر القريبة القادمة لإقامة (الأيام الثقافية العُمانية) في الكويت برعاية وإشراف وزارة الثقافة والرياضة والشباب ووزارة الإعلام والثقافة والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدولة الكويت.